وحدة الدراسات والبحوث.
تقييم حالة.
نوفمبر ٢٠٢٤
أعلنت وزارة المالية السعودية البيان النهائي للميزانية العامة للدولة للعام المالي ٢٠٢٥، بأن إجمالي النفقات الحكومية سوف تبلغ ١٫٢٨٥ مليار ريال. في حين أن إجمالي الإيرادات سوف تبلغ ١٫١٨٤. في حين أن أن تقدير وزارة المالية للعجز القادم هو ١٠١ مليار.
في نفس الوقت أعلن المخصصات المالية لكل وزارة وجاءت على النحو التالي:
- ٢٧٢ مليار ريال للقطاع العسكري.
- ٢٦٠ مليار ريال لقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية.
- ٢٠١ مليار ريال لقطاع التعليم.
- ١٢١ مليار ريال لقطاع الأمن والمناطق الإدارية.
- ١٩٢ مليار ريال لأمر مستحدث وهو البنود العامة
- ٨٧ مليار ريال، وقطاع الخدمات البلدية.
- ٤٢ مليار ريال لقطاع التجهيزات الأساسية.
- ٦٥ مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية.
- ٤٤ مليار ريال لقطاع الإدارة العامة.
إشكاليات أساسية في الميزانية:
- عدم تطابق الميزانية مع عدد الوزارات والجهات الحكومية: حسب المنصة الوطنية السعودية الرسمية أن عدد الوزارات في السعودية رسمياً تبلغ ٢٥ وزارة، وأن الهيئات الحكومية تبلغ ٤٩ هيئة حكومية متنوعة ومستقلة عن والوزارات. في حين أن الجهات التي تم إعلانها هي فقط ٩ جهات وبعضها مستحدث مثل البنود العامة، والتجهيزات الأساسية والإدارة العامة. ولا أحد يعلم على وجه الدقة ماهي هذه الجهات، هل هي الوزارات أو الهيئات أم ماذا؟ ويمكن إعتبار هذا التكتيك هو خطوة في خصخصة القطاعات الحكومية أو دمجها في بعض لتقليل الإنفاق الرسمي عليها. وربما إغلاقها.
- العجز المالي وارتفاع الدين العام: لا أحد يعلم مدى صدق هذا الرقم، خصوصا أن الحكومة السعودية لا تشارك الأرقام الحقيقة من خلال وزارة المالية في إيرادات الحكومة وعجزها السنوي الذي من المنطقي أن يتضخم لسببين أساسيين الأول: ضخامة المشاريع الحالية مثل نيوم، البحر الأحمر، المربع، كأس العالم، وغيرها من المشاريع الكبرى التي أرقامها المعلنة أكبر من الدين العام. السبب الثاني: هو سعر النفط، في الدولة تعتمد على النفط كمورد أساسي لتغذية الميزانية العامة، في حين أنه بلغ ٦٩$ للبرميل. وبما أن الحكومة السعودية تعتمد في ميزانيتها على تسعيرة أعلى للنفط هذا الرقم، فلو نزلت أسعار النفط خلال العام القادم لما دون ٤٠$ فماذا سوف تفعل الحكومة السعودية؟ وخصوصاً أنه من المتوقع أن تضح الحكومة الأمريكية كميات كبيرة من النفط الصخري مما يجعل سعر النفط حول ٢٠$ وهذا يعني إشكال كبير في إغراق السوق بالنفط وانخفاض سعره مما يعني عجز مضاعف في الميزانية.
- تجاهل إعلان الميزانيات للمشاريع الكبرى: تجاهلت الميزانية الاشارة إلى المشاريع الكبرى ومدى تخصيص أموال لها. وهو ما يعطي إشارة صريحة أن ادارة هذه المشاريع هو نوع العبث حيث من المفترض أن تتضمن الميزانية السنوية للدولة أرقام واضحة للمشروعات الكبرى للدولة.
- الاعتماد على الاقتراض: من المتوقع أن تعتمد الحكومة بشكل متزايد على الاقتراض لسد العجز بدلاً من تقليص النفقات أو تنويع الإيرادات بشكل أكبر لأن هذا قد يؤدي إلى زيادة الدين العام ويهدد استقرار المالية العامة مستقبلاً.
- الاعتماد على الضرائب غير المباشرة: تركز الحكومة بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية، التي تمثل حوالي 66% من الإيرادات الضريبية. هذه الضرائب تؤثر بشكل أكبر على الأفراد ذوي الدخل المحدود وتستنزف بشكل كبير، مما يعزز الشعور بعدم العدالة الضريبية التي يشوبها العديد من الإشكاليات في السعودية.
- زيادة العبء على الطبقات المتوسطة والفقيرة: مع زيادة الإيرادات الضريبية، هناك انتقادات حول تحميل الفئات الأقل دخلاً الأعباء الضريبية الأكبر. يعكس هذا التفاوت في النظام الضريبي الذي يراه البعض غير متوازن، خاصة في ظل استمرار الإعفاءات الضريبية لبعض الشركات الكبرى وخصوصا الاجنبية.
- الضريبة الانتقائية: الضريبة الانتقائية تهدف إلى فرض رسوم على السلع والمشتريات، وأيضا الرسوم التجارية للمشاريع الصغيرة التي تواجهها بيروقراطية كبيرة في فرض رسوم لا أول لها ولا آخر، وهي شكل من أشكال الضرائب الانتقائية التي تدمر الاقتصاد المحلي و تبطيء حركته وتطوره، في حين أن أصحاب الثروات الأساسية والكبرى محميون معفيون من الملاحقة.
- تجاهل مراجعة أعمال ومشاريع الدولة للمرحلة الماضية: جزء كبير من تراكم الدين العام والاقتراض المتكرر واعتماد الضرائب غير المباشرة والانتقائية يعود لسبب جوهري هو أن الدولة ليست لديها سياسة اقتصادية واعية، تعلن عن مشروعات كبرى ليست ذات عائد مادي، فهي ليست صناعية، ولا بنية تحتية، بل مشاريع مخصصة لفئة محدودة من البشر. وهذه المشروعات فيها مجازفة اقتصادية وإنهاك لأرصدة الدولة والمؤسسات الاقتصادية والمالية، فهذه المشاريع تمول في كل فترة بواسطة الاقتراض المستمر وإلزام المؤسسات البنكية بالمشاركة في هذه المشروعات. في الوقت الذي تعلن فيه الدولة على استحياء تراجع بعض خططها في نيوم بسبب عدم واقعية المشروع فضلاً عن تنفيذه. ومع هذا فإن كثير من المشاريع والبرامج التي تقوم بها الدولة هي حرق للمال العام واستنزاف الثروات دون وجود رادع للقائد هذه المشاريع بالتوقف عن السلوك الغير محسوب.
لهذا تكمن أهم إشكاليات التقرير المنشور من قبل مجلس الوزراء هو عدم وجود شفافية كافية في المصروفات والنفقات والديون التي تتراكم على خزينة الدولة، وزيادة الرسوم والاعتماد على الضرائب غير المباشرة و زيادة العبء على الطبقات المتوسطة والفقيرة إضافة إلى الضريبة الانتقائية التي ترهق معظم المواطنين دون وجود منطق ترشيد لسلوك الدولة الاقتصادي غير المنضبط وغير المحسوب.